يبدو الرجل الذي لا يتكلم كثيرًا لغزًا غامضًا ومحيرًا أمام زوجته التي يصعب عليها دفعه إلى التحدث، ومن ثم تجد نفسها تتساءل عمَّا يدور في خلده، وتقع فريسة لأوهامها التي ربما تكون خاطئة تمامًا عن زوجها الكتوم.
يرى خبراء العلاقات الزوجيَّة أنَّ معظم الرجال يترددون كثيرًا في الحديث عن أنفسهم أمام الجنس الآخر لخشيتهم من التعرُّض للانتقاد، ومن الكشف عن نقاط ضعفهم وعجزهم، وفي اعتقاد هؤلاء الخبراء أنَّ صفة الحساسيَّة التي دائمًا تنسب إلى المرأة لا تقتصر عليها وحدها، بل يتصف الرجل أيضًا بالحساسيَّة، خاصة إذا تعلق الأمر بنقاط ضعفه.
عندما يرجع زوجك من عمله يكون في شوق إليك، وإلى الجلوس مع الأولاد، وهو في هذه الأثناء ترينه أيضاً في شوق للحديث.. إنه يتحدث عن نفسه وعن عمله.. إنه يُنفِّسُ عما بداخله.. وهذا الحديث يجعله يشعر بالراحة، فهو تواجهه ضغوط كثيرة في العمل خارج البيت، ومشكلات عديدة قد لا يستطيع حلها. ومن ثم فهو ينتظر لحظة رجوعه من العمل ودخوله البيت بفارغ الصبر، حتى يفرغ ما بجعبته، لذا فإن عليك أن تكوني في تلك اللحظات حسنة الاستماع والانصات الجيد، وخلق الجو المناسب الذي يساعد الزوج على الحديث والكشف عما بداخل نفسه، وأن تتأكدي تماماً من عدم وجود أي إزعاج قد يتسبب في توقف زوجها عن الحديث، ودعيه يتحدث بحرية عما يريد التحدث عنه، بل وشاركيه أيضاً الحديث بإبداء اللهفة لمعرفة ما حدث، وأن ترتسم على وجهك علامات الانتباه لما يقول، والتعجب لما يتعجب منه، والحزن لما يحزنه، والفرح لما يفرحه.. وهكذا، كذلك تقومين بلمس يده من وقت لآخر؛ حتى يشعر بمدى اهتمامك به من دون أن يشي هذا الاهتمام بأي نوع من أنواع الشفقة؛ لأنَّه إذا أحسَّ بشفقتها عليه فسيتوقف على الفور عن الحديث.
وبعد قليل سوف تجدينه قد شعر بالراحة.. وذهب ما يحس به من الاختناق من العمل ومشكلاته.. وعندها يمكنك أن تتحدثي أنت معه وتكشفين له عن بعض أسرارك؛ لأنَّ هذا يغذي الشعور بالثِّقة المتبادلة بينهما، الأمر الذي يوطد علاقتهما ويضيف إليها المزيد من النضج، فبمجرد قيام الزوجة بكشف بعض أسرارها أمام الزوج يجعله يستشعر ثقة زوجته به، ويدفعه إلى مصارحتها بالكثير مما كان يحجبه عنها.
أما لو أنك بدأتِ عند دخوله المنزل بالمشكلات المنزلية، وما حدث لكِ طوال اليوم، وهو في تلك الحالة، لو حدث هذا لربّما واجهك بسيل من الانفعال، والكلمات القاسية.. ولازدادت المشاكل ولم تحل، فإذا أردتِ أن تكسبيه لصفك فدعيه أولاً يتحدث عن نفسه وعمّا حدث له.
وأهم ما ينصح به خبراء العلاقات الزوجيَّة هو ألاّ تحاول المرأة التي نجحت في جعل زوجها يكشف لها عن أخطائه ونقاط ضعفه، مجرد التلميح بهذه الأخطاء، ونقاط الضعف التي كشف عنها طواعية أثناء أي حديث قيل بينهما، أو خلال أي خلاف قد يحدث بينهما مستقبلاً؛ حتى لا تتسبب في جرح مشاعره، وحتى لا ينهار أهم جزء في العلاقة الزوجيَّة وهو الثقة المتبادلة.
ويقول بعض الخبراء والمجربين: إنَّ العلاقة الزوجيَّة الناجحة تقوم أساسًا على الحوار، فهو الشيء اليومي الدائم.. والحوار يعني «واحد يتكلم وواحد ينصت»، والطرف المنصت هو المستفيد؛ لأنَّه سيعرف مكنونات الطرف المتحدث، ومن هذه النقطة يستطيع أن يعرفه أكثر، بل يسيطر عليه، وكما يقولون إنَّنا في عصر المعلومات. ومن يعرف أكثر يكون الأكثر نجاحًا؛ فاعرفي أكثر عن زوجك. دعيه يتحدث – على راحته – فهو من ناحية ينفِّس عن نفسه، ومن ناحية يجعلك تفهمينه أكثر. جربي على كل حال، ولن تخسري شيئًا.