أسعد امرأة في العالم العسجد
ومضة : إذا أصبحتِ فلا تنتظري المساء
العسجدة الأولى : يا سامية المقام
رُبَّ أمـــــرٍ تتقيــــه جـــرَّ أمـــراً ترتجيــه
أيتها المسلمة الصادقة ، أيتها المؤمنة المنيبة ، كوني كالنخلة بعيدةً عن الشر ، رفيعةً عن الأذى ، تُرمى بالحجارة فتسقط تمراً ، دائمة الخضرة صيفاً وشتاءً ، كثيرةَ المنافع ، كوني سامية المقام عن سفاسف الأمور ، مصونة الجناب عن كل ما يخدع الحياء ، كلامُكِ ذكرٌ ، ونظركِ عبرة ؛ وصمتُكِ فكر ، حينها تجدين السعادة والراحة ، فيُنشر لك القبول في الأرض ، وينهمر عليكِ الثناء الحسن والدعاء الصادق من الخَلْق ، ويُذهِبُ الله عنكِ سحاب الضنْكِ ، وشبح الخوف ، وأكوام الكدر ، نامي على زجل دعاء المؤمنين لكِ ، واستيقظي على نشيد الثناء عليكِ ، حينها تعلمين أن السعادة ليست في الرصيد ، وإنما في طاعة الحميد ، وليست في لبس الجديد ، ولا في خدمة العبيد ، وإنما في طاعة المجيد .
إشراقة : لا تيأسي من نفسكِ ، فالتحولُ بطيئٌ ، وستصادفكِ
عقباتٌ تخمد الهمة ، فلا تدعيها تتغلب عليك .
أسعد امرأة في العالم العسجد
ومضة : ادعوني أستجب لكم
العسجدة الثانية : اقبلي النعمة ووظِّفيها
كم نعمةٍ لا يُستقلَّ بشكرها لله ، في طيِّ المكاره كامنة
وظفي نعم الله مع شكره وطاعته ، وانعمي بالماء شرباً ووضوءاً وغسلاً ، وتدثري بالشمس دفئاً ونوراً ، واغتسلي بضوء القمر حُسْناً ومتعةً ، واقطفي من الثمار ، وعُبِّي من الأنهار ، وانظري في البحار ، وسيري في القفار ، واشكري العزيز الغفار ، الملك القهار ، استفيدي من هذا العطاء المبارك الذي منَّ الله به عليكِ ، وإياكِ والتنكر لنعم الله :يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا ، إياكِ والجحود ، وقبل أن تنظري في شوك الورد ، انظري في جماله ، وقبل أن تشتكي حرارة الشمس تمتعي بضيائها ، وقبل أن تتذمري من سواد الليل تذكري هدوءه وسكينته ، لماذا هذه النظرة التشاؤمية السوداوية للأشياء ؟، لماذا تغيير النعم عن مسارها ؟ : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً ... فخذي هذه النعم واقبليها بقبولٍ حسنٍ ، واحمدي الله عليها .
إشراقة : إن التحول من الخطأ إلى الصواب مغامرةٌ طويلةٌ ولكنها جميلة !
أسعد امرأة في العالم العسجد
ومضة :لا تقنطوا من رحمة الله
العسجدة الثالثة : مع الاستغفار الرزقُ المدرار
أجارتنا إن الأماني كواذبٌ وأكثر أسباب النجاح مع اليأسِ
قالت امرأة : مات زوجي وأنا في الثلاثين من عمري وعندي منه خمسة أبناء وبنات ، فأظلمت الدنيا في عيني وبكيت حتى خفت على بصري ، وندبت حظي ، ويئست ، وطوقني الهم ، وغشيني الغم ، فأبنائي صغار ، وليس لنا دخل يكفينا ، وكنت أصرف باقتصاد من بقايا مال قليل تركه لنا أبونا ، وبينما أنا في غرفتي فتحت المذياع على إذاعة القرآن الكريم وإذا بشيخٍ يقول : قال رسول الله : (( من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجاً ، ومن كل ضيقٍ مخرجاً )) ، فأكثرت بعدها من الاستغفار ، وأمرت أبنائي بذلك ، وما مرَّ بنا والله ستة أشهر حتى جاء تخطيط مشروع على أملاك لنا قديمة ، فعُوِّضت فيها بملايين ، وصار ابني الأول على طلاب منطقته ، وحفظ القرآن كاملاً ، وصار محلَّ عنايةِ الناس ورعايتهم ، وامتلأ بيتنا خيراً ، وصرنا في عيشة هنية ، وأصلح الله لي كل أبنائي وبناتي ، وذهب عني الهمُّ والحزنُ والغمُّ ، وصرت أسعد امرأة .
إشراقة : إذا استسلمتِ لليأس فإنك لن تتعلمي شيئاً ، ولن تظفري بالسعادة .
أسعد امرأة في العالم العسجد
ومضة : إنه لا ييأس من روح الله إلا القومُ الكافرون
العسجدة الرابعة : الدعاء يرفع البلاء
قد يُنْعِم الله بالبلوى وإن عظُمت ويبتلي الله بعض القومٍ بالنعمِ
لي صديق عابد صالح أصيبت زوجته بمرض السرطان ولها منه ثلاثة أبناء ، فضاقت به الدنيا بما رحبت ، وأظلمت الأرض في عينه ، فأرشده أحد العلماء إلى قيام الليل والدعاء في السحر مع الاستغفار والقراءة في ماء زمزم لزوجته ، فاستمر على هذا الحال ، وفتح الله عليه في الدعاء ، وأخذت زوجته تغسل جسمها بماء زمزم مع القراءة عليه ، وكان يجلس معها من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ، ومن صلاة المغرب إلى صلاة العشاء ، يستغفرون الله ويدعونه ، فكشف الله ما بها وشافاها وعافاها وأبدلها جلداً حسناً وشعراً جميلاً ، وقد تعلقت بالاستغفار وصلاة الليل ، فسبحان المشافي المعافي لا إله إلا هو ، ولا ربَّ سواه .
فيا أختاه إذا مرضتِ ففري إلى الله ، وأكثري من الاستغفار والدعاء والتوبة ، وأبشري بما يسرك ، فإن الله يستجيب الدعاء ، ويكشف الكرب ، ويُذهب السوء : أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ
إشراقة : افحصي ماضيكِ وحاضركِ ، فالحياة مكونةٌ من
تجارب متتابعة يجب أن يخرج المرءُ منها منتصراً .
أسعد امرأة في العالم العسجد
ومضة : وكان بالمؤمنين رحيما
العسجدة الخامسة : احذري اليأس والإحباط
والحادثات وإن أصابك بؤسُها فهو الذي أنباك كيف نعيمُها
سُجِن شابٌ ليس لوالدته إلا هو ، فذهب النوم عنها وأخذ الهم منها كل مأخذ ، وبكت حتى ملَّ منها البكاء ، ثم أرشدها الله إلى قول : (( لا حول ولا قوة إلا بالله )) ، فكررت هذه الكلمة العظيمة التي هي كنز من كنوز الجنة ، وما هي إلا أيام – بعدما يئست من خروج ابنها – وإذا به يطرق الباب فامتلأت سروراً وغبطةً وبهجةً وفرحاً ، وهذا جزاء من تعليق بربه وأكثر من دعائه وفوَّض الأمر إليه ، فعليك بلا حول ولا قوة إلا بالله ، فإنها كلمة عظيمة ، فيها سرُّ السعادة والفلاح ، فأكثري منها ، وطاردي بها فلول الهمِّ ، وكتائب الحزنِ ، وأشباح الاكتئاب ، وأبشري بسرور من الله وفرج قريب ، وإياك أن ينقطع بكِ حبلُ الرجاء ، أو تصابي بالإحباط ، فإنه ما من شدةٍ إلا ولها رخاء ، وما من عسرٍ إلا وبعده يسر ، سُنَّةٌ ماضية ، وقضيةٌ مفروغٌ منها ، فالله الله في حسن الظن بالله ، والتوكل عليه ، وطلب ما عنده ، وانتظار الفرج منه .
إشراقة : لا تجعلي من متاعبكِ وهمومكِ موضوعاً للحديث ؛
لأنكِ بذلك تخلقين حاجزاًَ بينك وبين السعادة .
....يتبع