قضية القانون مهمة جدا جدا , فالتشريع بغير ما أنزل الله كفر ينقل عن الإسلام, يخرج من الإسلام, فوظيفة المسلم أقل شيء يقبل منه ماذا? أن ينكر بقلبه, أن لا يرضى بقلبه.
أنا بعد أن نظرت كثيرا في هذه القضية, قضية التشريع بغير ما أنزل الله, في الحقيقة أشغلتني كثيرا لأني كنت أحض ر الدكتوراه, عندما خرجت الفئات أيام السادات من السجن, فخرج قسم منهم يكفر الناس جميعا وقسم يتوقف بالناس جميعا , وقسم يقول للناس جميعا , كل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله مسلم, فأشغلتني القضية, وقسم لا يصلي في المساجد, والحقيقة صارت فتنة كبيرة, وكان هذا الشاب شكري مصطفى رحمه الله الذي أعدمه السادات في قضية التكفير والهجرة في قتل الذهبي وتزعم قضية التكفير يرى أن الذي لا يدخل جماعته كافر خارج من الملة, وقد اعتمدوا على قاعدة (من لم يكفر الكافر فقد كفر ومن شك في كفر الكافر فقد كفر).
جاءوا إلى الأستاذ الهضيبي رحمه الله إلى السجن قالوا له:هل تكفر عبد الناصر? قال: ماذا نستفيد إذا كف رنا عبد الناصر أو ما كف رناه, طبعا هذه الكلمة تؤخذ عليها دعوة بكاملها, وكان جواب الأستاذ الهضيبي سياسيا , وكفروا الأستاذ الهضيبي واعتزلت مجموعة صارت لا تصلي خلف الأستاذ الهضيبي, فخرجوا من السجن, عندما خرجوا من السجن يأتون ويسألون ما رأيك بعبد الناصر? كافر, السادات? كافر, ما رأيك بالهضيبي? مسلم, لكنه هو لم يكفر الكافر عبد الناصر فهو كافر, هل تكفر الهضيبي? حاشى لله أن أكفر الهضيبي, إذا يلحقونك بالقائمة وهكذا.
والله جاء واحد من الشباب وكان يتردد علي يحبني وهو أردني, وكان قد اتخذ شكري مصطفى وأعجب به وأعجبته آراؤه, يعني ما غبطت إنسانا على إيمانه وتمسكه مثل هذا الشاب, كان يدرس الصيدلة, فكان أحيانا يأتي يفطر عندي في القاهرة, يوم من الأيام بعد أن التقى بشكري مصطفى جاء زارني, فبدأ يتكلم وكنت أناقشه فجاء وقت الصلاة فرأيته هكذا متثاقلا من الصلاة ورائي, فقلت له تفضل وصل بنا فصلى في , يوم أن أقدم للصلاة يقول أنا جمعت,فأنا أفاتحه قلت له: يعني أنت ما رأيك في , قال: صراحة? قلت له: نعم صراحة, قال: أنا أكفرك, لماذا يا ابن الحلال? ما القضية? قال: أنت من الإخوان المسلمين, قلنا له: طيب, قال: كل واحد من الإخوان المسلمين كافر, لماذا? قال: لأنهم لا يكفرون الهضيبي الكافر, تصور بهذه السهولة, قلت له: تعال أقول لك, الشافعي وأحمد بن حنبل اختلفوا حول تارك الصلاة كسلا , فقال الشافعي لا يكفر,وقال أحمد يكفر وتناقشا.وما كفر واحد منهما الآخر, سبحان الله لشدة حماسه واندفاعه قال لي بالحرف الواحد لو كنت حاضرا وناقشت الشافعي ولم يكفره أكفر الشافعي, قلت له لا حول ولا قوة إلا بالله إذا هنا (ختم)(1) [ختم: كلمة فارسية تعني انتهى، خلاص]., (برو بخير)(2) [برو بخير: كلمة فارسية تعني إذهب أو مع السلامة]. إنتهى إذا وصل الأمر إلى هذا الحد خلاص,وفعلا هو دخل في قضية شكري مصطفى وحكم خمسة عشر عاما ولا زال في السجن حتى الآن,لكن هم لقلة العلم شباب متحمس جدا واستهوى قلوب الشباب, لماذا استهوى على قلوب الشباب? بسبب صراحته وصدقه, التزام كالخوارج تماما , إلتزام شديد ووضوح شديد, تأتي المخابرات إليه, ما رأيك في الإشتراكية? فيقول له: أنت قصر الطريق قل لي ما رأيك في أنور السادات? أنور السادات كافر,وكل من أعانه كافر, وكل من دخل في حكمه كافر, يسهل على المخابرات من أولها, فهذه الصراحة جذبت قلوب الشباب إليه وفعلا انتشرت انتشار النار في الهشيم.
شغلتني القضية وبدأت أبحث, شباب ما شاء الله (يحقر أحدكم صلاته مع صلاته وصيامه مع صيامه) يقرأون القرآن تشعر أنه خارج من قلوبهم,لكن للأسف الجهل أر داهم وأتعبهم وأوردهم موارد الهلاك, نعم شباب يا سلام!! يا سلام!! من خيار أبناء مصر والله, مجموعة شباب أخرى تتوقف ما معنى تتوقف? لا تحكم لإنسان مسلم, لا بإسلام ولا بإيمان حتى يمتحنوه, ما رأيك في الحاكم? ما رأيك في الأحكام? ما رأيك في التشريع? ما رأيك....? فإذا نجح وأخذ فوق الخمسين -يجب أن يأخذ فوق التسعين لأنه إذا غلط في أي سؤال يشطبوه- يصلون خلفه,وإذا رسب لا يصلون خلفه, لماذا? كانوا يسمونها معابد الجاهلية, فكان أحدهم لا يقبل أن يصلي وراء إمام لا يعرفه,ولا يصلي وراء إمام يقبض راتبه من الدولة.
شغلتني القضية, فبدأت أبحث, فبحثت طويلا في القضية وخرجت... الذي اطمأنت إليه نفسي بالخلاصة التالية:
1- الحاكم الذي يشرع بغير ما أنزل الله هذا غير مسلم خارج من الملة; لأنه كالذي يغير الصلاة.
2- المقنن الذي قنن القوانين ووضعها, صاغها في قوالب, هذا كافر كذلك خارج من الملة, قد يكون يصلي ويصوم, لكنه كافر لأنه يحل الحرام ويحرم الحلال.
الزنا أصبح في شريعتنا مباح!! هكذا... أما المرأة التي تزني لا تعاقب إلا إذا زنت في بيت الزوجية, فإذا زنى زوجها في بيت الزوجية لا تعاقب كذلك, والسيارة الخصوصي عبارة عن بيت متنقل لا يجوز للشرطي إذا رأى شخصين يمارسان الجنس أن يتدخل فيهما إلا إذا استغاثت به الفتاة,ومثلما قال الشيخ نجيب الله المطيعي: بالله عليكم هذا قانون دولة أم قانون عاهرات? كيف هذا? التي تزني في الشارع العام ممنوع أن يتدخل البوليس فيها إذا كانت السيارة خصوصي لأنها بيت متنقل?!
- فالمهم الحاكم الأول الذي يحكم.. يشرع من عنده هذا خارج من الملة.
- المقنن الذي يصوغ القوانين في قوالب.. في مواد قانونية هذا كذلك خارج من الإسلام.
3- القضاة الذين ينفذون القوانين: هؤلاء لا يخرجون من الإسلام, لأنهم ينفذون, لا يشتركون في التشريع وإنما في التنفيذ, لكن القاضي الذي عنده أي قوانين يحكم بغير ما أنزل الله آثم بسبب أنه يتعاطى الحرام, راتبه حرام, وظيفته حرام, لا فرق بينه وبين الذي يبيع الخمر في الخمارة.
4- القاضي في الأنظمة الوضعية -يعني التشريع غير الرباني الإلهي..-
فالذي يبيع الخمر في خمارة أو يشتغل في بنك ربوي هذا أخف من الذي يشتغل قاضيا في هذه المحاكم, راتبه حرام, وعمله حرام, وإذا لم يكن له دخل إلا راتب القضا, هذا لا يحل لك أن تأكل من عنده لقمة واحدة.
أما إذا كان له إرث من والده, وأموال مختلطة بين وظيفته وبين إرثه من والده, له قطعة أرض يزرعها أو بستان يستثمره من والده ليس من عمله, هذا لا بأس أن تأكل من عنده واحسبها على جانب الحلال لأنه اختلط ماله حلال بحرام(1) [ مناقش يسأل عبد الله عزام عن التشريع، فيجبه الشيخ: التشريع بما أنزل الله غير الحكم بما أنزل الله، القاضي الذي يرتشي، ويغير الحكم هذا خارج من الملة، المهم هذا الذي اقتنعت به خلاصة ما اقتنعت به وما خرجت به، نعم إذا كان القانون إسلاميا والقاضي ارتشى وحكم بغير الحق ألا يحكم بغير ما أنزل الله؟ بلى يحكم بغير ما أنزل الله الذي اقتنعت به].
- القاضي لا يخرج من الملة, لكن فاسق بسبب عمله لأنه يرتكب المحرم, هذا إذا كان يكره في قلبه أما إذا كان يحب القانون في قلبه, فهو خارج من الإسلام, أي واحد يحب القانون في قلبه فهو خارج من الإسلام.
5- نأتي إلى المحامي, لما أثيرت القضية قلت: المحامي عمله حرام, فطلع أحد إخواننا رجل صالح فقال: أنا محام, إعرض الأمر على أساتذة كلية الشريعة -كنا في الجامعة الأردنية- واحكموا لي وأنا ألتزم بما تحكمون, فاجتمعنا أساتذة كلية الشريعة -والإخوة في كلية الشريعة دكاترة, كلهم- قالوا: مزاولة العمل بالمحاماة حلال بشروط:
الشرط الأول: أن لا يرافع في قضية حكمها في القانون الوضعي يختلف عن القانون الإسلامي هذه واحدة.
الشرط الثاني: أن يقتنع أن صاحب القضية محق وأنه يدافع عن الحق.
الشرط الثالث: إذا كان يظن أنه على الحق فاكتشف أثناء المحاكمة أنه على الباطل, يجب أن ينسحب من القضية.
فهم كلهم اتخذوا هذا الرأي, وأما أنا أيقنت بحرمتها, ولا زلت أظن أن المحاماة في ظل هذه القوانين الوضعية حرام والله أعلم, أما هم أباحوها بهذه الشروط, وطبعا هم: منهم من هو أعلم مني, ومنهم من هو خير مني, ومنهم من هو أتقى مني, لكن أنا الذي نفسي ارتاحت إليه أن هذا العمل حرام.
6- يبقى المجلس التشريعي أو مجلس الشورى الذي هو مجلس النواب -البرلمان- مجلس الشعب.
في القاهرة في أيام عبد الناصر كانوا ينكتون ويقولون مجلس الشعب له بابين, باب مكتوب عليه النواب المناقشون, والثاني النواب المستمعون, فواحد متحمس جاء وقال أنا جئت مستمعا وجئت أناقش, فدخل في باب( النواب المناقشون) وإذا به يخرج إلى الشارع.
ما هو مجلس النواب في بلادنا?
عبارة عن لعبة مثلما قال هاشم الرفاعي, هاشم الرفاعي كتب في مذكراته أبيات من الشعر في عبد الناصر وعن مجلس النواب وما إلى ذلك قال:
ها هم(1)[يقول عن مجلس النواب]. كما تهوى تحركهم دمى(2)[دمى: لعب]. لا يفتحون بغيـر ما تهـوى فمــا
إن ا لنعلـم أنهــم قد ج معــوا ليصفقـوا إن شئت أن تتكلمـــا
فالظلم قبلــك كان كمــا مهملا والآن صار على يديــك منظمــا
كما تهوى تحركهم دمى, لعب.
نأتي إلى مجلس الأمة, مجلس النواب لا ندري هو جمع نائب أو نائبة, النائبة(3) [الشيخ هنا يتندر]. هي المصيبة لأن معظمه جمع نائبة.
مجلس النواب لا يحق له أن يوافق على أي جزئية فرعية قانونية تخالف الإسلام, فإن وافق على أي قانون يصادم الإسلام مثل: مساواة الرجل بالمرأة.. إن وافق على هذه الكلمة يخرج من الإسلام, لا بد أن يعارض أي جزئية تخالف الإسلام, فإن لم يعارض ورضي ووقع أنه موافق, هذا خارج من الإسلام لأنه مجلس تشريعي وليس مجلسا تنفيذيا .
7- نأتي إلى الشعب.. أنا أرى أن الذي لا يرضى بهذه القوانين نرجو الله أن لا يناله إثم, الذي يكرهها ويمقتها في قلبه, لكن واحدا حصلت له مظلمة وليس هناك مجال لتخليص هذه المظلمة إلا بالالتجاء إلى المحاكم فهل يجوز له الالتجاء إلى المحاكم أم لا?
الأستاذ المودودي كان يرى أن تهضم الحقوق وتضيع أفضل من أن نلتجئ إلى هذه المحاكم لأنها معابد الطاغوت, ويبدو لي أن الأستاذ سيد من هذا الباب رأيه, لكن نحن نقول: إن كان لك مظلمة فإذا التجأت مكرها لتخليص حقك فنرجو الله عز وجل أن لا ينالك إثم, ولكن الأولى ترك حقك يضيع أولى من الالتجاء إلى هذه المحاكم, لكن إن التجأت أرجو أن لا تكون آثما والله أعلم, هذه خلاصة ما خرجت به من خلال أبحاثي في القضية, فالقضية طويلة.. طويلة.. طويلة.
أحد الإخوة المجاهدين سأل الشيخ عبد الله عن الدخول في البرلمان فأجاب الشيخ:
مجلس النواب لا بأس من الدخول فيه إن كنا نريد مراقبة الحكومة, أو إن كنا نريد أن ننشر دعوتنا من خلال هذا المجلس, هذا رأيي والله أعلم, بخلاف مجلس الوزراء, لأن مجلس الوزراء تنفيذي, أما مجلس النواب هو عبارة عن مراقبة للدولة بإمكانه أن يقول ما يشاء في داخل مجلس النواب فلا بأس, أما مجلس الوزراء أنا أظن والله أعلم أنه يحرم الدخول فيه لأنه مجلس تنفيذي.
سائل يسأل الشيخ عن دخول البرلمان إيمانا , فقال الشيخ:
ليس إيمانا , نحن نعيش في مجتمع جاؤوا لنا بأوروبا وقوانينها وطبقوها على رؤوسنا, هي فوق رأسك إن شئت أم غضبت, فإن قبلت الدول أن يكون لك مراقب ليتكلم في داخل مجلس الأمة تقول أن الدولة سرقت كذا والوزير الفلاني سرق كذا, والخيانات والرشوة والمحسوبية تطالب بمعاقبة المجرمين هذا إن شاء الله لا بأس.
مناقش يقاطع حديث الشيخ فيرد عليه الشيخ عبد الله.
والله هذا معنى ذلك تقدره الدعوة, هل يفيد الدخول في مجلس النواب أو لا يفيد? والله أعلم, يا أخي الكريم في مجتمعات فيها الإسلام ضائع والمسلمون مكممون لا يستطيعون أن يتكلموا من خلال الإذاعة ولا التلفاز وما إلى ذلك, مجلس النواب عبارة عن منبر من المنابر التي يمكن أن يوصل كلمة الحق فيها إلى الأمة يعني هذا الذي أقتنع فيه منذ زمن والله أعلم.
فقد أكون مخطئا وقد أكون مصيبا , فإن أصبت فمن الله ثم مني وإن أخطأت فمني ومن الشيطان, ونرجو الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه, ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه إنه سميع قريب مجيب.
سائل يسأل الشيخ عن الحكم في ضياء الحق, فيجيب الشيخ على هذا السؤال.
بالنسبة لضياء الحق, أنا لا أكفره لأنه حاول.. حاول لكن حوله طغمة من الأشرار وجماعة من الفجار, يكفرون بالله الواحد القهار, ويعرقلون كل خير للأبرار, هذا اشتغل.. إشتغل ما استطاع, الذي قدر عليه قدمه, فأنا لا أظن مثل هذا الرجل يكفر والله أعلم.
ندعو الله أن يكثر من أمثال ضياء الحق.. يا أخي ربنا نفع به كثيرا .
الذي يناقش الشيخ يقول أحسنهم? (أحسن الحكام) فيرد عليه الشيخ.
لا, ليس أحسنهم, أقلهم سوء , فهو رجل يكفي وقف مع الجهاد الأفغاني, فتح الطريق ما إلى ذلك, ولو كانت خنازير بوتو تمسك الحكم لا يستطيع أحد أن يصل لهذا المكان, ولا أفغاني يستطيع أن يصل لهذا المكان, أرأيتم كيف يشددون على العرب الآن في أثناء مرورهم? يصبح التشديد على الأفغان أكثر من العرب لو استلم المدنيون, لكن الله عز وجل ساق ضياء الحق في هذه المرحلة لأن المدنيين لا يقدرون أخطار وأبعاد وقوف القتال, فنرجو الله عز وجل أن يكثر من أمثال الذين يحاولون أن يقدموا الخير, لكن لا يقدرون, ومن نعم الله تعالى أن يسوق إلينا واحدا مثل ضياء الحق, هو يحاسب عند الله عز وجل بأخطائه وتنفعنا حسناته, من نعم الله عز وجل, نرجو الله عز وجل أن يكثر الطيبيين في المخابرات, وأن يكثر الطيبيين في الوزارات, فالحرام عليهم والحلال لنا, هم يحاسبون عند الله عز وجل بأخطائهم والله ينفع بهم.
قال رجل لابن تيمية أو لأحمد بن حنبل, قال له: أنا أعمل في المكوس -تعرف المكوس?- (لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له) لكن وجودي يخفف الظلم على الناس, فأنا آخذ سهما واحدا , لو استلم غيري يأخذ أسهما منه, فأنا أقلل الضرائب, ولنقف على النص, فما رأيك وأنت تعرف (لقد تابت توبة -الزانية- لو تابها صاحب مكس لغفر له)?
قال: إبق في مكانك لتخفف الظلم عن المسلمين, فوجود أمثال هؤلاء يكون خيرا , الله ينفع بهم.
ذات مرة تناقشت أنا وأبو الحسن الندوي على الوزارة, فقلت له نحن والله نرى أن الدخول في الوزارة في بلادنا مصيبة من المصائب بالنسبة للداعية, وكنت أتكلم معه أقول له عن الحركة الإسلامية, أي واحد يدخل الوزارة يفصلونه, فغضب غضبا شديدا فقال: لا, لا, لا, نحن نبحث عن شرطي مسلم ليخفف الرشاشات عن المسلمين عندما تفتح في الهند, نفرح كثيرا عندما نجد ضابطا مسلما في الشرطة بحيث إذا جاءه أوامر أن يقتل المسلمين لا يقتل المسلمين, قال: لا تتشددوا في هذه القضايا, هذا رأي الأستاذ الندوي بارك الله في عمره,وهو بقية من السلف الصالح نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا, لأنه من خيار أهل الأرض.
نرجع إلى قصة عدي, (أحلوا لهم الحرام, وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم, فتلك عبادتهم إياهم), وأنا أحببت أن أركز على هذه القضية لأنها قضية عقيدة ودين, ليست قضية سياسية, قضية التشريع قضية عقيدة ودين, ولذلك كنت أقول للإخوة الذين يركزون على التمسح بالقبور والتوسل بالأموات, أقول لهم: يا إخوة.. ركزوا على شرك الأحياء ولا تركزوا على شرك الأموات, لا يوجد شاب مثقف الآن يذهب إلى قبر ويأخذ منه حجرا مهما كان, المثقفون انتهت هذه القضية عندهم, متدين أو غير متدين لا يذهب للقبر ولا يتمسح, ركزوا على شرك الأحياء وهي التشريع بغير ما أنزل الله, ركزوا على الشرك الذي فرضه الطواغيت على الناس, الحكام انتبهوا لهذه القضية.
وكنت أقول لهم أنتم هكذا تركزون على السيد البدوي وعلى عبد القادر الجيلاني, وتتركون حافظ الأسد والقذافي, ولو كان عند عبد القادر الجيلاني شرطة مثل حافظ الأسد لا تستطيعون أن تتكلموا كلمة واحدة, فركزوا على شرك الأحياء, شرك الطواغيت الذين ي عب دون الناس لأنفسهم من دون الله, هؤلاء الذين يدعون الألوهية عملا دون أن يتكلموا بها, هؤلاء الذين يزاولون مهمة الإله, التشريع (إن الحكم إلا لله) فركزوا على هذه القضية التي غابت عن الناس ولا يعرف الناس منها إلا القليل, كثير من الناس يوالي هؤلاء الطواغيت ويقف معهم, مع الذين يحكمون بغير ما أنزل الله, يشرعون بغير ما أنزل الله, ويقفون معهم في السراء والضراء على الحق والباطل, ولا يدري أنه يوالي الكفر, وتجده إذا رأى إنسانا يحمل حرزا فويل له, ثم ويل له, سقطت عليه صاعقة من السماء وانصب عليه سخط من كل مكان, الحرز لا يخرج من الملة, لكن رضاه بالتشريع بغير ما أنزل الله كفر يخرجه من الإسلام, فهي قضية عقيدة.
وعندما رأى ابن كثير أن هولاكو يطبق الياسق على الناس كتب في البداية والنهاية بعد أن استعرض ماذا في الياسق أنه مأخوذ من الإسلام واليهودية والنصرانية, مثل قوانيننا اليوم مأخوذ جزء من الإسلام, مأخوذ جزء من اليهودية والنصرانية والقوانين الرومانية القديمة, القانون الإيطالي.. القانون.. إلخ, دين جديد, دين اسمه دين نابليون, كتب من ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله ص خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة- يعني اليهودية والنصرانية- فقد كفر, فكيف بمن تحاكم إلى إلياسا وقدمها عليه? لا شك أن هذا يكفر بإجماع المسلمين, فكيف بمن تحاكم إلى إلياسا? يعني قانون هولاكو, قانون جنكيز خان وقدمها عليه -على الإسلامـ, لا شك أن هذا يكفر بإجماع المسلمين, ولذلك حكم ابن تيمية بكفر التتار الذين يصلون ويصومون ولكنهم يتحاكمون إلى الياسق, وحكم ابن تيمية بتكفير القبائل التي تتحاكم إلى القانون القبلي والعشائري, وعندما تحرج المسلمون من مقاتلة التتار لأنهم يصلون ويصومون, قال: لو رأيتموني بينهم والمصحف فوق رأسي فاقتلوني, يعني لا تتحرجوا من قتالهم أبدا , ولا تتحرجوا من قتال من يقف مع التتار لأنهم يتحاكمون إلى غير شريعة الله(1) [سئل الشيخ سؤالا ولم يفهم نصه ولا مضمونه بسبب ضعف الصوت في الشريط فأجابه الشيخ: والله ليست القضية بهذه السهولة، يعني تحتاج إلى وقوف طويل حتى تحكم على كل قضية بعينها، لذا اتركني أفكر، لا أستطيع أن أعطيك فتوى مباشرة، لو كانت عندي فتوى مباشرة وكنت مطمئنا للفتوى لأفتيتك فلا أجيبك سياسة وإنما أتردد لأن القضية غيى مستقرة في نفسي].
نرجع إلى عدي, عدي وهو جالس عند رسول الله ص دخل رجل يشكو الفقر وآخر يشكو قطع الطريق, فعدي بن حاتم ضاق صدره, ما هذا الدين الذي دخلنا فيه? كلهم فقراء لا يستطيون أن يؤمنوا الأمن للمدينة, وهؤلاء الزعماء تعجبهم المظاهر, يعجبهم الأمن, يعجبهم الرخاء, يعجبهم الدخل الكبير, يعجبهم المنصب الرفيع, فالرسول ص نظر إلى عدي بن حاتم وكأنه ص قرأ ما في صدره (قال: يا عدي -نظر- هل تعرف الحيرة? قال: -سمعت بها ولم آتها- قال: لئن طال بك زمن -يعني لا تشك- لترين الظعينة -المرأة- تأتي من الحيرة تطوف في البيت لا تخاف إلا الله) عدي لم يصدق!! قال: فقلت في نفسي فأين ذعار طي? ذعار: معناه زعران, الصعاليك