31-08-09, 12:42 AM
|
|
8 من ذي القعدة 1338هـ ـ 24 يوليو 1920م
مر بنا في أحداث شهر شوال الإنذار الفرنسي الذي وجهه القائد «جورو» قائد القوات الفرنسية في 28 شوال سنة 1338هـ لملك سوريا «فيصل الأول بن الحسين»، والذي يأمره فيه بقبول الانتداب «الاحتلال» الفرنسي بلا شروط ويسحب إعلانه السابق باستقلال سوريا، وحل الحكومة التي شكلها «هاشم الأتاسي»، وكان لهذا الإنذار أثر كبير في إشعال حمية السوريين الذين رفضوا الإنذار بشدة واستعدوا لجهاد الأعداء الفرنسيين، وأخذ الناس في شراء السلاح والذخائر والمؤن وسرت روح جهادية قوية بين الناس خصوصًا عند الدمشقيين([1]).
اجتمع الملك فيصل مع وزرائه ورجال دولته للتباحث في كيفية التعامل مع الإنذار فلم يصلوا لأي رأي، وكان وزير الدفاع يوسف العظمة من أشد الناس عداوة للاحتلال يقود الفريق المعارض الرافض للإنذار، ولكن فيصل بن الحسين قبل الإنذار، وأرسل رسالة بذلك للقائد «جورو» الذي كان يخطط لاكتساح سوريا بقوة السلاح، وأمر فيصل بن الحسين الجيش السوري بالعودة إلى منازلهم وتسريح جنوده مع احتفاظهم بالسلاح.
تقدمت القوات الفرنسية حتى وصلت إلى خان ميسلون على بعد 25 كم من دمشق العاصمة، وتعلل «جورو» بأن برقية قبول الإنذار لم تصل بسبب تعطل أجهزة البرق، فشعر فيصل أن الفرنسيين ينوون اكتساح دمشق، فأصدر أوامره للجيش بالعودة إلى ثكناته والاستعداد للمواجهة، وحاول فيصل اللجوء لأوليائه الإنجليز للضغط على الفرنسيين، ولكنه وجد أن الإنجليز لا يمانعون من التهام الفرنسيين لسوريا، فقد كان يجهل أن كلا الطرفين قد أعد العدة لذلك في اتفاقية «سايكس ـ بيكو» قبل ذلك بعدة سنوات، ولما أحس فيصل بقرب اقتحام الفرنسيين لدمشق رحل إلى أوروبا! ولم يبق في البلاد زعامة تقود الناس سوى القائد البطل يوسف العظمة وزير الدفاع الذي خرج بجيش صغير يبلغ ثمانية آلاف مقاتل نصفهم من المتطوعين وبلا أسلحة ثقيلة، وتقدم نحو معسكر الفرنسيين بخان ميسلون، وفي يوم 8 من ذي القعدة 1338هـ التقى الجيشان غير المتكافئين، فالجيش الفرنسي ضخم العدد والعدة والسوريون كما نعلم، ومع ذلك ظل السوريون يجاهدون بمنتهى القوة والثبات والبطولة، وقد أبت عليهم كرامتهم أن يتركوا الأعداء يحتلون بلادهم، حتى سقط معظمهم شهيدًا في المعركة في مقدمتهم «يوسف العظمة» واحتل الفرنسيون سوريا.
|