12-01-13, 12:42 PM
|
|
الإلـــحــــــاد ..!
سليمان الهويريني :
قبل فترة؛ طارد السعوديون أحد المجدفين بالذات الإلهية غراً سعودياً يدعى (حمزة كشغري)، فتى مكياً ترجع أصول عائلته لمدينة كشغر الصينية، كلٌ يريد الظفر برأس الغلام الذي أراد بفعلته التويترية تلك الشهرة والخروج من قمقم الإقصاء ومجاراة شلته في المقهى الليبرالي الكبير التي تؤمن بالفوضى الأخلاقية غير الخلاقة؛ عندها تم الإيعاز من أعلى الهرم السياسي المحلي للسلطات الماليزية ـ قبل وصول أيدي حماية جماعات الحقوق المدنية والإنسانية ـ بإيقافه في المطار وإرساله مخفوراً على طيرانٍ بلاده بالتو والسرعة؛ في مشهد محتقن لاحتفالٍ جماعي شبه وثني غريب لا يمت للألفية الثالثة بأي صلة سوى سرعة الأدوات التي ُجلب بها الغرّ الكشغري المرتعد.
لم يكن الفتى الكشغري الأول؛ ولن يكون الأخير بالطبع، مروراً بالأولين والآخرين فهل وعى سدنة السماء الأرضيون ومبتدعي شريعتها الجديدة المدّعون ذلك؟ وتوالت الأحداث ليتم مقتل الكويتي (حمد نقي) الذي شتم الذات النبوية المحمدية طعناً على يد فتى مسجون ومحكومٌ بالإعدام في أحد السجون الكويتية، ثم يسمع هسيس نشاز أصوات من هنا وهناك تصب في هذا المنحى، ليأتي إنكار إحدى فتيات العائلات الدينية السعودية في تغريدةٍ مدوية وصمة عار تخص ولا تعم، ليقف من كان بالأمس يطالب برأس الغلام المكي واجماً من حولها لا يُحار جواباً، رغم بكاء البكائين كالشيخ ناصر العمر والفوزان والتياث غيرهم كالداعية التويتري المهووس بالإعلام محمد العريفي الذي طالب بالويل والثبور وعظائم الأمور لتلك السيدة الهشة التي لم تستطع إخفاء طربها لصوت ذلك الفنان المحلي التي طارت بشهرته الآفاق وخانها التعبير ذات نشوةٍ تويترية تناقلها ركبان ذلك الشحرور الأزرق، والتي لم تستطع الاختفاء عن الأنظار في عالم بات يتلصص على بعضه كمأخورٍ كبير.
أوعز العمر لمريديه بدء المحاكمة؛ ملقياً اللائمة وأصابع الاتهام على وزارة الإعلام التي سمحت ابتداءاً للكتاب (العلمانيين) على حد زعمه بالكتابة في الصحف وبث سمومهم فيها دون أدنى وصاية أو رقابة، مما جعل المجتمع ينقسم إلى تيارين واهيين يتنابزون بالألقاب ويثيرون نقع حرب مجتمعية دونكشوتية (طبعاً الكلمة الأخيرة لا أظن أنها قد مرت على مفردات الشيخ المحتقن من منذ أمد على كل شيء) وحذر من التعرض لما أسماه بوباء العقول ألا وهو الشبهات مبينا أن من الخطأ الجسيم ما يقوم به البعض من الخوض في كتابات الإلحاد والزندقات؛ ظنا أنه في مأمن من هذه الشبهات مؤكداً أن حماية العقل واجب، فوباء العقول أخطر من وباء الأبدان.
وبين أنه في ظل هذه الأوضاع ليس بمقدورنا عمل شيء إلا بالتفاؤل حتى وإن كنا نواجه أوضاعاً عصيبة؛ فالتفاؤل لا يكون إلا في الأزمات والملمات، وقال "رأينا أن الأنبياء عليهم السلام كانوا متفائلين في أشد المواقف، موضحا أن المقصود بالتفاؤل هنا هو التفاؤل الذاتي الذي يكون فيه صاحبه كنور الشمس الذي يضيء للناس وهذا لا يتأتى إلا بالتفاؤل النابع من قوة الإيمان". وعليه فقد تم عقد اجتماع عاجل لثلة من علماء الدين لمناقشة موجة الإلحاد في بلاد الحرمين الشريفين (يعني بها أولئك المتشددون السابقون بلادهم (السعودية) التي لا يذكرونها بالإسم تورعاً ثورياً قديماً عند طائفةٍ منهم)، وضرورة الرفع لولي الأمر بالتشديد على محاكمتهم، مرجعين الأسباب إلى الانفتاح الإعلامي غير المسؤول وغير المراقب وكذلك أمان العقوبة .. أما في معرض حادثة السيدة الأخيرة فقد جاء خطابه مداعباً للأسرة الدينية العريقة في السعودية حانياً عليهم بعد إيراده حديث "لو أن فاطمة ابنة محمد سرقت لقطعت يدها" مجتهداً في حال القياس هذه.
أما العالم المسيحي فيبدو أنه قد خلص نجياً من هكذا هرطقات منذ أمدٍ بعيد، رغم امتعاضهم من الإلحاد الذي ينتشر في مجتمعاتهم وداخل بيوتاتهم، إلاّ أن قوة قوانينهم التي تنص على الحريات الشخصية في روحها، كما أن مرونة دينهم المسيحي المختلق والممسوخ في الكثير من جنباته؛ يجعل منهم شعوباً متسامحة في علاقتها مع السماء التي ضيعوا تجاه بوصلتها لينعتهم الخالق جل في علاه في فاتحة كتابه الأخير (بالضالين).
واعتبر البابا بنديكتوس السادس عشر أن "أساليب جديدة" للتبشير بالإنجيل لن تكفي لإعادة اجتذاب البلدان الغربية إلى الإيمان المسيحي. نظرا إلى انعدام الشهادة الصادقة حول "ما هو أساسي" في هذه الحقبة التي بات فيها الله في نظر الكثيرين المجهول الكبير ويسوع شخصية كبيرة من الماضي ولن ينتعش العمل الرسولي إذا لم تتجدد نوعية إيماننا". وبنبرة متشائمة، شدد البابا الذي أعلن في تشرين الأول/أكتوبر (سنة الإيمان) وسيرأس في الخريف التبشير الجديد بالإنجيل، في المؤتمر السنوي للأساقفة الايطاليين، على أزمة الإيمان الناجمة عن ضآلة "المعرفة العميقة بالله" لدى عدد كبير من الكهنة والمؤمنين الذين لا يستطيعون بالتالي "الشهادة" بطريقة مقنعة. واعتبر البابا أن "جوهر الأزمة التي تمزق أوروبا، الأزمة الروحية والأخلاقية" هو أن "الانسان يدعي حيازة هوية يصنعها فقط بنفسه" من دون الالتفات إلى الله.
وقال البابا أن "أساليب جديدة للإعلان عن الإنجيل لا تكفي لحمل الناس على الترحيب بالقضية المسيحية"، في وقت تنصرف جماعات كاثوليكية إلى التفكير في أساليب تبدأ من التبشير المنزلي وصولا إلى المنتديات على شبكة الانترنت، لإيصال رسائلهم والحد من فعالية المبشرين الأميركيين بالإنجيل. وأضاف "يتطلب وضعنا حافزا متجددا يصوب على ما هو أساسي". ولم يتطرق البابا إلى المشاكل الخاصة بالكنيسة الايطالية التي اكتشفت متأخرة أزمة التعدي الجنسي على الأطفال، لكنه شدد على "المسؤولية التثقيفية" للشبان في عملية نقل الإيمان.
|