يوم ركبنا سيارة من مكة إلى مطار جدة والدتي قالت لي: إن أمي وأبي وأخواتي الثلاث ماتوا ولم يحجوا ... ثم بكت ...
الساعات الأخيرة ...
طوال الطريق ... كنت ساكت ... كأني في حالة أللاوعي .. حابس دموعي في محاجرها ...
متماسك ... حتى لا تتأثر والدتي بالوداع .. أسترجع في ذاكرتي هذه الـ 20 يوم التي قضيتها معها وكأنها لحظة واحدة ...أوكأنها حلم جميل مر بسرعة ...
والدتي تبكي ثم تسكت .. ثم تبكي ثم تسكت
... وكل لحظة تنظر إلى الخلف ...لترى أنوار مكة المشرفة ...
وصلنا المطار ...
حملت أمتعة والدتي وأرسلتها مع باقي أمتعة المسافرين ..
حان وقت الوادع .... ما أصعب هذه اللحظة ...!!
تماسكت .. واستجمعت قواي .. رحمة بوالدتي ... وفي الأخير انهرت وأجهشت في البكاء ...
لحظة التوديع فيها ويش أقول *** كل ما في القلب قالته الدموع ...
هل تعذروني ... ؟
هل عشتم لحظة فراق لمحب .. وأي محب ..؟ ... إنها والدتي ...
هل عشتم لحظة وداع لمحب وأنتما كلاكما لا يريد الوداع ......؟
إنها تجربة قاسية تدمي القلب قبل العين
.. لا يدري الرجل ماذا يفعل ... فكيف بامرأة كبيرة ضعيفة ..
أسأل الله ألا يفرق بينكم وبين أحبابكم ..
اللحظات الأخيرة ...
لا أزال أذكر عيني والدتي وهي غارقة بدموعها
.. لا تدري أتفرح بأداء فريضة الحج والعودة إلى الديار والجيران .. أم تحزن على فراق وليدها منير ..كانت تقول بكلمات متقطعة بالبكاء بعد أن قبلت يديها ...
أفرحك الله بالجنة يا منير كما أفرحتني بالحج ...
استعجلني موظف المطار .. كأنه أراد أن يضع نهاية لهذه اللحظة القاسية ..
عانقت والدتي
.. حاولت أن أشم رائحة شالها لآخر مرة ... تهادت بعصاها مع موظف المطار .. وخلفتني غراقا بدموعي
حائرا تائها وحيدا
... لا أدري لحظتها أين أذهب ...
طولنا عليكم ... سامحونا ...
أستجمع قواي ... وألملم أشتاتي ... وأكفكف عبراتي ... ثم أعود إليكم لأنزف ..عن ...
عودتي محطما حزينا إلى بلدتي وكفيلي ..
بعض من مواقف الحج مع والدتي
قصة رحيل صديقي ورفيقي زاكي جاويد
قصة اتقاني للهجة القصيم المميزة ( محيميد بوه ... مير نيم )