منتديات قصيمي نت

منتديات قصيمي نت (http://www.qassimy.com/vb/index.php)
-   البرمجة اللغوية العصبية وتطوير الذات وتنمية المهارات (http://www.qassimy.com/vb/forumdisplay.php?f=108)
-   -   (وظفوا مزيداً من النمل) (http://www.qassimy.com/vb/showthread.php?t=619211)

ادارة الفكر 27-11-14 04:14 PM

(وظفوا مزيداً من النمل)
 
(وظفوا مزيداً من النمل)

بعد قراءة خلاصة "أسراب النمل وأسرار التعاون" تذكرت كل ما تعلمته قبل ربع قرن عندما ترجمت كتاب "الإدارة بالفطرة" الذي تمحورت فكرته الرئيسية حول التلقائية والبساطة كمدخل للقيادة والفعالية في العمل. وبعد إمعان التفكير فيما تعلمناه من تطبيقات السلوك التنظيمي في بيئة العمل لاحظت أن كتاب (أسراب النمل والذكاء الجماعي) يقدم لنا نفس الرسالة وهي أنه بإمكان المنظمات والمجتمعات أن تعمل وتنتج و تنجح بدون إشراف لصيق ورقابة حثيثة، بشرط غياب الصراعات من بيئة العمل.
رجعت إلى كتاب بعنوان (النمل أثناء العمل) للدكتورة "ديبورا جوردون" فتأكدت من أن مملكة النمل تعمل بعفوية فطرية وبدون إدارة مركزية، حيث لا يوجد في أعشاش النمل مديرون أو مشرفون، ومع ذلك فإن لكل نملة أو مجموعة من النمل وصفاً وظيفياً مرناً، لكنه يتغير باستمرار وتبعاً للظروف. فأثناء مراقبة الدكتورة "جوردون" لأداء أسراب النمل تبين أنه حين تكلف مجموعة منها بجمع الغذاء، تتولى مجموعة أخرى أعمال الأمن والحراسة، وتنطلق مجموعة ثالثة لأعمال التنظيف والصيانة داخل المستعمرة الكبيرة. لكن الطريف هو ما لاحظته أستاذة علم الحشرات في جامعة ستانفورد من أن النمل تعود على العمل والحياة في بيئة تعمها الفوضى ويعوزها النظام، وفي جو من الحركة والضجيج، ونظراً للاعتماد المتبادل بين أفراد المستعمرة النملية، فإنه على عكس الرأي الشائع، فإن "النملات" لا تعمل بدأب ومشقة ودون انقطاع؛ فإذ يعمل 25% فقط من جيش النمل خارج المستعمرة لجمع الغذاء، يعكف 25% من الأسراب داخل المستعمرة، في حين يخلد 50% تقريبا من جيش النمل إلى السكون والراحة.
لاحظت الدكتورة "جوردون" أن طلابها في جامعة ستانفورد يعملون أكثر من النمل، ففي حين يواصل طلابها العمل، فإن "النملة" تميل إلى الكسل وعدم العمل عندما ترتفع درجات الحرارة، كما أن النمل يميل إلى التسكع والترفيه والتجوال دون هدف مثل طلاب الجامعة تماماً. ولكن عندما يبدأ العمل ينشط النمل فجأة، وتتغير أدوار أفراده تلقائيا، وتكلف كل نملة بمهمة جديدة دون حاجة إلى استراتيجيات أو مديرين أو إشراف وتهديد ووعيد. فما الذي يمكن استنتاجه من هذه الفوضى المنظمة؟ ولماذ لا يعمل الناس على هذا الأساس دون هياكل تنظيمية وسلطات إشرافية ورقابة إدارية دائمة؟
ربما يمكننا الإجابة عن هذه التساؤلات إذا ما فكرنا بعفوية وببساطة، أو إذا لم نفكر بتاتاً. ورغم ملاحظة الدكتورة "جوردون" أن النمل الأكبر سنا يكون أكثر نظاماً والتزاماً ونضجاً وتحملاً للمسؤولية، إلا أن روح الفريق الطبيعية وغياب الفساد والشفافية وتغليب المصالح المجتمعية على المصالح الفردية ناتجة عن غياب العقل وجينات الأنانية، فتكون النتيجة غياب الصراع من داخل مملكة النمل وزيادة الذكاء الجماعي، رغم الغباء الفردي. من المؤكد أن "جوردن" لم تضع كتابها لتقول لك: "عليك أن تدير شركتك بهذه الطريفة"، ومع ذلك فهي تتساءل: "ما دام النمل يعمل بهذه الطريقة، فهل يمكن أن يؤدي كل منها عمله إذا ترك وحده دون رقيب أو حسيب؟".
نحن نتحدث عن دور الحرية والتمكين في الإبداع وإطلاقات الطاقات الكامنة للعاملين، وهناك من تحدث عن إلغاء الهياكل التنظيمية وتسطيح المؤسسات وتقليل المستويات الإدارية، ولكن لم يتحدث أحد عن مؤسسات يمكن أن تدار وتنمو وتنافس دون إدارة وإشراف وأوامر عليا ونظام واستراتيجيات. ولذلك فإنني أرى أن الدرس الأعظم الذي يمكن تعلمه من النمل هو أن العقل البشري والمنطق الإنساني يحرمنا نعمة العفوية والفطرية المطلقة، وينحو بنا إلى التركيب والتعقيد، ولكن جينات الأنانية التي تنحو بنا إلى الصراع، تحرمنا في ذات الوقت بلوغ مرتبة المثال والكمال المطلق. فإما أن نعيش ونعمل بالفطرة المطلقة، أو بالعلم المطلق. والتأرجح بينهما هو ما يخلق الصراع. فإذا ما تمكنا من بناء مؤسسات دون صراع أناني، فسنتمكن من بناء مجتمعات تعمل بدافع ذاتي وتضع مصلحة الكل فوق مصلحة الجزء.edara.com
نسيم الصمادي... كتاب: من عجلون الى العالم


الساعة الآن 02:25 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir