17-11-19, 12:32 PM
|
|
حديث مع والدتي على الهاتف
مضت ستة أشهرعلى غربتي بسبب دورة تدريبية في عملي و التي غيرت فيها أكثر من بلد، و لم أعثر في أي منها على صديق مقرّب بكل معنى الكلمة.تسألني أمي عن هذا الشأن، أليس لديك أصدقاء؟
فأقول لها نعم بالتأكيد، أبطال دوستويفسكي ( الذي قالت عنه ريما : يااه!!..ما اكذبه لديستويفسكي! ) كلهم أصدقائي. فعندما أصاب بحزن لا يطاق أحكي لراسكولنيكوف فلا أعتقد أن غيره يمكن أن يفهم سبب شقائي، و يشغلني عن آلامي بحديثه عن سونيا وشرابي مع مارميلادوف، و متى اسودت الدنيا في نظري و اندفع كل ما هو بشع فيها نحوي و جعلها غير محتملة و مستحيلة .أفكر بالأمير ميشكين فتساعدني طيبته و نواياه الصافية على تخفيف وطأة هذه الشناعة، لكنني عن الحقيقة لا أسأل غير إيفان على الرغم من عنجهيته و وقاحته وعندما أعجز عن احتمال الكم الهائل من الحقائق التي يرويها ألجأ لأخاه إليوشا فإيمانه الجميل و صدقه يساعد كل من بحاجة للمساعدة على المضي في هذه الحياة التي خلت من كل هدف يستحق الحياة. و أترك كل شؤوني العاطفية للمقامر الذي عشق باولين بغير أمل و ازداد حبه لها كل يوم بعد ذلك. أفضل أن أناقش هذه الأمور معه تحديداً فاندفاعه وحده ما يبرر لي اندفاعي و شراسته في عواطفه أقرب إلى طباعي. و في كل مرة أضطر فيها أن أكون أنانياً دون تأنيب ضمير أصغي لنصائح فيودور كارامازوف. و متى أصابني الملل أقضي وقتي مع ديمتري لأمارس كل نزواته و أحتكم بكل غرائزه. تأمرني أمي بالتوقف عند هذا الحد فأسألها لماذا تطرحين علي مثل هذا السؤال إذا كنتِ تعرفين الجواب مسبقاً فترجوني أن أنتهي عن هذه الفلسفة و لكنني أتجاهل و أتابع سردي، أحلامي ليست كبيرة و أستطيع تلخيصها مع رجل بحلم مضحك في واحد و عشرين صفحة تستطعين أن تقرأينها متى أردتِ. فكل ما في العالم باطل و غير جدير بالإهتمام و إنني من أجل هذا أذهب إلى قبو لا أعرف مكانه لأستمع لبطل لم يذكر دوستويفسكي اسمه، رجل عاش معظم نصف حياته الثاني في قبوه بعد أن استقال من عمله و رفض مجتمعه و انعزل عن جميع أصدقائه، ففي كلام هذا الرجل وحده و أفكاره أجد كل ما أريد قوله لهذا العالم. و هكذا تنهي أمي معظم مكالماتها مجنون مجنون و الله مجنون يا بحر الهدوء .
التوقيع
|
" شيئان ليس لهما حدود الكون وغباء الأنسان "
ألبرت إينشتاين
|
|