02-11-10, 04:28 PM
|
|
رواية (دراما) سوسيولوجية
عمل قصصي أو درامي يتناول في المحل الأول المسائل والمشكلات الاجتماعية وينصب اهتمامه على العوامل البيئية والحضارية ولا يولي اهتماما كبيرا للسمات المميزة الشخصية والسيكولوجية.
والعمل الفني السوسيولوجي يركز اهتمامه على المجتمع الذي تعيش فيه الشخصيات وتأثير ذلك المجتمع في الشخصيات، وعلى القوى الاجتماعية التي تتحكم فيما تقوم به تلك الشخصيات من أفعال. ومثل هذا العمل الفني يصور قضية معينة (له رسالة) وليس من الضروري أن يهبط ليصبح جهدا دعائيا. فرواية "مدل مارش" لجورج اليوت تقوم باستقصاء سوسيولوجي في شكل روائي لمدينة صغيرة. وهناك أعمال روائية سوسيولوجية مرموقة كتبها أبتون سنكلير وجون شتاينبك وأرسكين كالدوبل وجون دوس باسوس وهناك أيضا مسرحيات سوسيولوجية مرموقة كتبها كليفورد أوديتس وأروين شو وأرثر ميللر. وروايات حنا مينا وبعض روايات يوسف إدريس مثل الحرام والعيب تنتمي إلى هذه الروايات.
ويذهب الكثيرون إلى أنه ليس هناك سور يفصل بين الروايات والمسرحيات السوسيولوجية وبقية الأعمال الأدبية، فليس هناك مثل هذا السور بين المصير الاجتماعي والسيكولوجيا الفردية، ولكن ليست مهمة الأدب أن يقدم بحوثا اجتماعية يقتصر فيها دور الشخصية على أن تكون مثلا توضيحيا للقوى الاجتماعية.
رواية حداثية
وتلك الرواية لا تحاول تصوير الطبيعية البشرية في أوجهها المختلفة وقابليتها للتطور، بل ينصب اهتمامها على الطبيعة الإشكالية للخبرة الفردية. وهي لا تعتمد على الوصف والتحليل والتفسير بل على افتراضات مضمرة: فالفنان الروائي لا يخلق ذاتا ثابتة لها طابع شخصي وسلوك وإحساسات، بل يخلق حالات تآصلية للذات الفردية (مثل ذرة الكربون فقد تكون ماسا أو فحما) . فالذات لم تعد محددة متسقة أو لها بنية وثيقة الترابط، بل أصبحت مساحة أو ساحة نفسية للصراع الشخصي، أو لغزا لا يحل، أو مجرد مناسبة لتدفق مدركات وأحاسيس. وتذوب الشخصية بذلك في تيار من الخبرات المهشمة ذريا، وبعد ذلك تقطع الشخصية علاقتها بنفسيتها وتقتصر على أن تكون تواليا من أحداث موضوعية قاسية التحدد (شيئية).
لقد فقد الروائي الإيمان السابق بالمصير الجماعي المشترك. ولا يبدو بطل الرواية الحديثة مقتنعا أنه - أو أي أحد آخر - يمتلك مقدرة تمكن من تغيير الوجود الإنساني. ولم يعد معبرا عن اختيار معين للخلاص باسم وصية إلهية أو إرادة وطنية. ولم تعد العلاقة بين الفرد والجماعة محل اهتمام الرواية الحداثية، وأصبحت المسألة ارتطاما بين شعور يجسد إمكانات إنسانية ومجتمع يسير في إيقاع لا شخصي قد يكون غريبا أو معاديا أو غير مكترث بتلك الطاقة الشعورية عند الفرد.
وعلى العكس من الرواية التقليدية التي جسدت وحدة القيم والسلطة في إيمان بانتصار الخير في بناء الرواية، ترى الرواية الحداثية أن القيم من ناحية والسلطة التي تؤدي إلى النتيجة الختامية قد تفككا وتباعدا (عند همنجواي ثمن المجد هو رفض العالم، وعند مالرو تنبع ضرورة الفعل من إيمان بعقم ذلك الفعل، وعند سيلوني شرط الإنسانية هو استعداد فحسب للفعل) وبين التصور والفعل يسقط ظل عدم التأكد. وتبقى معرفة الذات في وحدتها الأزلية. فالفعل يتطلب إيمانا بمعقولية الوضع البشري، ولكن الشخصية كلما قامت بالفعل عثرت على عقم الوجود واكتفت بوضع ندبة جرح على خريطة العالم. وليس هناك مكان في الرواية الحداثية لشخصيات محملة بالغرض والمعنى والإيمان بالتقدم، فقد تحرك العالم الروائي إلى ما وراء فكرة التقدم.
لذلك أصبح السؤال المطروح في الرواية الحداثية هو هل تستطيع الشخصية تغيير نفسها بدلا من السؤال الذي كان مطروحا في الرواية التقليدية عن توقع تغيير العالم. (فعالم همنجواي مثلا لا يقبل التغيير رغم كل شيء فهو عالم روائي تنسكي شديد الخصوصية قاصر على قلة من غير السعداء اختارت لنفسها في رواياته طريقة إرادية للسلوك تجعل من الممكن كما يقولون لأنفسهم بذل الجهد والتجدد والهزيمة المشرفة).
لقد انتقلت الرواية الحداثية من الفعل "البطولي" إلى بطولة المشاعر وهي بطولة لا تتحقق إلا بالهزيمة. ويأتي بطل الرواية الحداثية فاتحا ولكنه يظل في رحلة تنسك تسجل الآلام والمقاساة، وهو يدرك أنه لا يستطيع أن يكون بطلاً ولكنه حينما يواجه نتائج هذا الاكتشاف يستطيع أن ينقذ جزءًا من البطولي.
ويترتب على ذلك الاختلاط المتألق، والتشبث بجماليات تجديد لا نهاية له، البحث عن شكل متحرر من البداية والنهاية (شكل غير مقفل) والسعي وراء حياة دون أوتاد تثبتها أو نتيجة ختامية (إرفنج هاو).
التوقيع
|
تتقدم إدارة المنتدى بالشكر الجزيل
للمراقب والأديب/ حسن خليل ، على
جهوده الكبيرة في الرقي بالأقسام الأدبية
من خلال النقد ووضع المسابقات والحوافز
لجعل أقسامة متميزة كما هو ، سيما في
نجاح مسابقة " المقالة الأدبية " .
8/1/2012م
الأدارة .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
|
|