![قديم](images/statusicon/post_old.gif)
16-11-12, 06:09 AM
|
|
الهداية على الحقيقة لا الخيال
الهداية على الحقيقة نورٌ من الله: يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ [النور:35]^ ومنةٌ وهبةٌ من الله: وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [يونس:25]^ ورحمةٌ من الله إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:56]^.
رحمة الله لا تعزُّ على طالبٍ في أي مكان ولا في أي حال، كما يقول صاحب الظلال في تصرف: وجدها إبراهيم عليه السلام في النار: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:69]^ ووجدها يوسف عليه السلام في الجب: وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [يوسف:15]^ ثم وجدها أخرى في السجن: وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف:54-56]^ ووجدها موسى عليه السلام في اليم وهو طفلٌ رضيعٌ مجردٌ من كل قوة ومن كل حراك: فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [القصص:7]^ ثم وجدها أخرى في قصر فرعون وهو عدوٌ له متربصٌ به، يبحث عنه ليقتله، فإذا به يغذوه قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [القصص: 9]^ وقد ألقى الله عليه المحبة، فما رآه أحدٌ إلا أحبه: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي [طه:39]^ ووجدها يونس عليه السلام في بطن الحوت في الظلمات يوم نادى: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:87-88]^ وجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في القصور والدور، فقال بعضهم لبعض: فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً [الكهف:16]^ وجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار، والقوم يتعقبونهم ويقصون الآثار: {ما ظنك باثنين الله ثالثهما قال: لا تحزن إن الله معنا }^ وجدها كل من أوى إلى الله يائساً من كل ما سواه، منقطعاً عن كل شبهةٍ في قوة، ومظنةٍ في رحمة، قاصداً باب الله وحده:
إلهي وجهت وجهي إليك فحقق منايا وأحلاميا
وهب لي من العزم ما أرتجي وحقق بفضلك آماليا
وثبت فؤادي في حاضري وتمم قوابل أياميا
الهداية على الحقيقة نورٌ وحبور وسرور، والنور لا يحل إلا في قلبٍ صحيحٍ سليمٍ من الهوى والحقد والغل والحسد كما يقول الحميدي ، أما القلب المريض، فإنه محجوبٌ عن ذلك النور، ولو كان الفكر في غاية الذكاء والفهم والعلم، فهو أحير من ضب؛ إذا بعد عن جحره خبن، وأهل الصحراء أعلم بذلك.
هذه حقيقة عارية، من أنكرها فهو ساعٍ على جسر الخيال، مستبدل بالماء الآل، وما حقيقةٌ كخيال.
|